أنباء المتوسط – الرباط
سجلت عملية مرحبا 2025 زيادة ملحوظة في عدد المغاربة المقيمين بالخارج الوافدين إلى أرض الوطن، بنسبة ارتفاع بلغت 10 في المئة مقارنة بالسنة الماضية وفق ما كشفته إحصائيات رسمية حديثة، في مؤشر جديد يعبر على متانة الرابط العاطفي والوجداني بين الجالية المغربية وبلدها الأم، رغم بعض التحديات الاقتصادية التي تطبع المشهد الدولي وخصوصًا في أوروبا.
وتواصل عملية مرحبا التي تُنظم سنويًا تحت إشراف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تسجيل نسب تدفق متزايدة للجالية المغربية نحو أرض الوطن خلال أشهر الصيف، وهو ما ينم على قوة مكانة المغرب كوجهة مفضلة بالنسبة لمغاربة العالم، سواء من حيث التواصل العائلي والاجتماعي أو من حيث الحاجة المتجددة والدائمة للاستثمار في صلة الرحم والهُوية والانتماء.
وفي هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي التهامي عبد الخالق في تصريح صحفي، أن الزيادة المسجلة في عدد زيارات المغاربة المقيمين في الخارج خلال صيف 2025 تُعد معطًى إيجابيًا وطبيعيًا في ظل حجم الجالية المغربية الكبير ومتانة ارتباطها بالوطن، وشدد عبد الخالق على أن ما كان يستدعي التحليل في الواقع ليس هو الارتفاع، بل العكس لأن انخفاض الأرقام هو ما يمكن أن يبعث على القلق أو التساؤل حول طبيعة التحولات الاجتماعية أو الاقتصادية التي قد تؤثر على العلاقة بين مغاربة العالم وبلدهم الأم.
وأكد المتحدث ذاته أن هذه العودة المكثفة للمغاربة إلى وطنهم عبر مختلف الموانئ والمطارات لا تعني بالضرورة أن استهلاكهم داخل المغرب يسير في نفس الاتجاه التصاعدي، مشيرًا إلى أن بعض الإحصائيات تشير إلى تراجع نسبي في نفقات مغاربة الخارج خلال مقامهم الصيفي، خاصة فيما يتعلق بالإقبال على الفنادق والمطاعم والخدمات السياحية المعتادة، كما أعرب عبد الخالق عن اعتقاده بأن هذا الانخفاض لا يرتبط بضعف في الرغبة أو العاطفة نحو المغرب، بل هو نتاج مباشر للضغوط الاقتصادية التي تعرفها الدول الأوروبية، بفعل التضخم المستمر وارتفاع كلفة المعيشة، الشيء الذي أثر على قدرة الادخار لدى شريحة واسعة من الجالية المغربية خصوصًا الفئات ذات الدخل المتوسط أو المحدود.
وأضاف ذات المتحدث أن هذه الوضعية دفعت بعض الأسر المغربية المقيمة بالخارج إلى إعادة النظر في نمط الإنفاق أثناء الإجازة الصيفية بالمغرب، حيث يُلاحظ تحول جزئي في الوجهات السياحية، مع إقبال أقل على المدن التقليدية المعروفة مثل مراكش وأكادير، مقابل تفضيل مناطق أقل كلفة أو الاعتماد على الإقامة في منازل العائلة أو الإقامات الخاصة بدل الفنادق.
وبيّن عبد الخالق أن هذا التحول لا يعني تراجع ارتباط مغاربة العالم ببلدهم، بل يُظهر مرونة في التكيف مع الواقع الاقتصادي الجديد كما أنه يبرز استعدادهم لتجاوز المصاعب حفاظًا على تقليد سنوي يربطهم بأصولهم وأهاليهم خصوصًا خلال فترات الأعياد والعطل.
وفي الوقت ذاته دعا الخبير الاقتصادي الجهات المعنية إلى التحرك من أجل فهم أعمق لهذه التحولات في سلوك الاستهلاك والسفر لدى الجالية والعمل على وضع استراتيجيات لجذبهم أكثر، ليس فقط من الجانب العاطفي، بل أيضًا من خلال تسهيلات اقتصادية وسياحية تشجعهم على استثمار عطلتهم داخل المغرب بطريقة منتظمة ومريحة.